|
1935 - 2006 (71 سنوات)
«السابق 1 2 » عرض شرائح متسلسلة
رثاء مولانا الاستاذ بشير معاذ في وفاة د.حسن عمر
شئ لله يا حسن إلى روح البروفيسور/حسن عمر أحمد بقلم بشير معاذ
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 6/2/2006 3:46 ص بشير معاذ ____ حين
اسلمت الروح لباريها في 4/2/2006 بمدينة الدوحة، يا سيدي الحسن، زرفنا
الدموع حزناً وأسى يُضاف إلى كل تلك الضراعات التي تنال منا يوماً بعد يوم،
من عند ذلك العار الوطني الكبير، في فقره سواده الأعظم، في سماواته
الواسعة المضطربة، في طرق مروره القومية منها والمحلية، في كوارثه
الطبيعية، في أمراضه الفتاكة، في فتنته الدينية والعرقية والسياسية، في
فوارقه الاقتصادية والاجتماعية والجهوية، في منافيه الباطشة بأبنائه وبناته
زرافات ووحدانا، كما في حرائقه الوطنية الكبرى المشتعلة في شرقه وغربه.
جاء ميلادكم، يا سيدي الحسن، بعد عقد من الزمان من قيام ثورة 1924(وكأنه من
جهة، يؤذن باستدبار مناخات الانكسار الدراماتيكي الذي زلزل السودان زلزلة
في عقابيل الهزيمة المرة لأبطالها ومشاعر الإحباط المدمر الذي عصف وقتها
بمن قُدر له من قادتها القوميين، أن يفلت من ساحات الإعدام، ووحشة
الزنازين، وغربة المنافي، وغبن التشريد، كما جاء وكأنه من الجهة الأخرى،
يدعو للاستبشار بإرهاص أفندية الثلاثينات بالتهيؤ لمعاودة التجريب،
احتشاداً هذه المرة، على مسالك التثقيف الذاتي والنضج السياسي).
سيرتكم،
يا سيدي الحسن، هي سيرة ذات سودانية عطرة بالغة التميّز والفرادة بكل ما
تحمله هذه المفردات من معاني، سيرة من نشأ في كنف صوفي خالص مع أهلنا
اللطفاء والبسطاء والفقراء لله، واختار، استلهاماً واستهداءً بسيرتهم
العطرة، أن يكون لهم وحدهم فضل تشكيل وجدانكم، وتنقية سريرتكم، وترقية
ذاتكم، ورفع روحكم إلى مراقيها السامية. تدرجتم في مراحلكم الدراسية، يا
سيدي الحسن، بسلاسة مدهشة إلى أن جاء تخرجكم في كلية القانون بجامعة
الخرطوم. ومن خلال المعارك المهنية والوطنية، يا سيدي الحسن، كانت
إسهاماتكم تتحدث عن نفسها، من استاذ (قض الإهاب) بكلية القانون بجامعة
الخرطوم، ونائب عام (وزيرالعدل) لجمهورية السودان، ومقررعام لحقوق الإنسان،
ورئيس للجنة قومية أُنيط بها مراجعة قوانين السودان ضمت نخبة من
القانونيين وأهل الفكر منهم، أميل قرنفلي، سيد أمين، على محمد العوض، محمد
الجزولي، عون الشريف، أمبروز ريني، صديق الضرير. ولما لم يرق لكم حال ومآل
الأوطان بسبب خيباتنا الوطنية، يا سيدي الحسن، تركتم السودان والسلطان،
طوعاً واختياراً، واتشرتم في بقاع الأرض تنهلون من معين المعرفة في جامعة
أكسفورد، وجامعة شيكاغو، وجامعة هارفارد متوجين بأرفع الدرجات العلمية، وهي
درجات، فيما لو حصل عليها غيركم، من أدعياء زمان الناس هذا، لفعلت بهم
الأفاعيل.
حين جمعتنا (الدياسبورا) بدولة قطر في وزارة الطاقة
والصناعة وقطر للبترول، يا سيدي الحسن، أذهلنا تواضعكم، وحياؤكم، وزهدكم،
وعلمكم، ولطفكم، وصدقكم، وتنسككم، وكرمكم، ولطافتكم ونقاؤكم، بمثل ما
أدهشتنا شجاعتكم وجسارتكم وصبركم على المكاره، ومجابهة الخطوب والمرض
اللعين، وهي خصال لم يكن محياكم ومماتكم، ياسيدي الحسن، إلا تجسيداَ
وترسيخاً لها. وإن أنسى، لا أنسى، جحافل الفرنجة من مديري ومستشاري كبرى
الشركات العالمية العاملة في صناعة النفط والغاز يجوبون صالات قطر للبترول
بحثاَ عن مقر "رجل هارفارد"، على حد وصفهم، طلباً للنصح والمشورة، وليتهم
فوق ذلك يدركون، يا أيها الإنسان، بأنكم رجل السودان، رجل الإيمان، رجل
الوجدان، رجل السلوان، رجل الروح والريحان، ورجل البر والإحسان. (من كان
مثلكم، ياسيدي الحسن، لا ينقضي بالموت فتنفد صلاحيته تماماً)، فلكم بيننا
أسرة لم تترك من كريم خصالكم وشمائلكم، ونقاء سريرتكم، وتفرد عقلكم، و توقد
ذهنكم، إلا وتحلت به، تركتم فينا معاوية، وليد، وخالد، وطارق وشقيقاتهم
موشحين ببصمة الجينوم الوراثي، ثم تركت فينا السيدة الفضلى حرمكم التي
كانت، ومازالت، تقف خلف كل تلك العظمة، ووراء ذلك التفرد والعطاء، يا أيها
الإنسان.
وعزاؤنا فيما تركت من صحبة كريمة في دولة قطر، يا سيدي
الحسن، مولانا الفاتح عووضة، الأستاذ/ عبد المنعم المكي، الاستاذ/حسن عيسى،
الدكتور/ محمد يوسف أبو حريرة، الخليفة/ أحمد محجوب، مولانا/ محجوب
إبراهيم، مولانا/ مجذوب عبد الرحمن، الدكتور/ حسن عطية، الأستاذ/ عز الدين
حمد، الأستاذ/ عبد الرحمن مدني، الأستاذ/ بابكر عيسى، الدكتور/ عمر فقيري،
الدكتور/حسن أحمد حسن، الدكتور/ عمر إبراهيم عبود، الدكتور/ الفاضل الملك،
الدكتور/أسامة حمور، الأستاذ/ عبد الله على، الأستاذ/ جعفر حسن عباس،
الأستاذ/ محمد سليمان، سعادة السفير/عمر حيدر، سعادة القنصل/ محمد حسن،
وسعادة السفيرين (السابقين!) أحمد دياب، وأحمد التني، ومن طلابكم الأستاذ/
مرتضى محي الدين، مولانا/ صلاح الشريف، مولانا/ عبد العاطي الأسد، الأستاذ/
حسن ساتي، الأستاذ/ خليل عبد الله خليل، والأستاذ/ أمين سعد... وبقية
العقد الفريد. وعزاؤنا أيضا فيما تركتم من صدقات جارية عديدة داخل السودان،
و من اسهامات ثرة خارجه في الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والصناديق
العربية، وفي العديد من المحافل المحلية والأقليمية والدولية، وفي صناعة
الغاز في دولة قطر التي، بفضل الله، ثم بفضل مساهماتكم المتفردة في إرساء
مداميكها الأساسية وهياكلها القانونية والتعاقدية المتشعبة، غدت أكبر صناعة
من نوعها في تاريخ البشرية قاطبة.
فاسترح يا أيها الإنسان، فقد
تفرد العطاء، وتمدد البر والإحسان، وطالت المعاناة، ووهن الجسد، واشتدت
الكروب، وتطاولت العُسرى، وشاءت المشيئة ونحن لها قابلين مستبسلين وخاضعين.
وتباً ... تباً لأوطان ديدنها إهدار كنوزها البشرية، ورموزها الوطنية
والفكرية سحلاَ في ساحات الإعدام، وبطشاَ في وحشة الزنازين، و فتكاَ في
غربة المنافي، ويا ويحي للسودان الذي فقد برحيلكم، يا سيدي الحسن، (جيلاً
كاملاً كان قد أودع مبلغ تحصيله المعرفي، وزبدة بصيرته الفكرية والعلمية
والثقافية والإجتماعية، في ذهنكم الوقاد ثم بعثكم للناس عالماً، نظيفا،ً
عفيفأ وجسوراً على النحو الذي صرتم إليه).
فطوبى لكم في عليائكم
وإطلاقكم، يا سيدي الحسن، وكأن رحيلكم قد جاء ليؤذن، من جهة، باستدبار وطن
يهدده الطوفان من حيث لا يحتسب، في فقره سواده الأعظم، في سماواته الواسعة
المضطربة، في طرق مروره القومية منها والمحلية، في كوارثه الطبيعية، في
أمراضه الفتاكة، في فتنته الدينية والعرقية، في فوارقه الاقتصادية
والاجتماعية والجهوية، في منافيه الباطشة بابنائه وبناته زرافات ووحداناَ،
كما في حرائقه الوطنية الكبرى المشتعلة في شرقه وغربه. ثم طوبى لكم، يا
أيها الإنسان، وكأن رحيلكم قد جاء ليدعوكم، من الجهة الأخرى، لاستقبال دار
خير من داركم، وأهل خير من اهلكم، وعلياء خير من دنياكم، ورفقة خير من
رفقتكم، في منازل الصديقين والشهداء والصالحين، ممن مضوا في سبيلهم... إلى
حيث لا حيث، وعند لا عند.
ولأنكم رمز من رموزنا الوطنية والعلمية والفكربة، يا سيدي الحسن، أعاهدكم بالصلاة والدعاء على روحكم الطيبة، ما دمت حياً:-
شئ لله يا حسن
يا حسن ...يا حسن
أنت يا أحمد
أنت يا مفرد
أنت نور الأحد
أنت أصل المدد
أنت نعم السند
عين ما يشهد
غيب ما قد بطل
اللهم
صلي وسلم على الذات المحمدية، العلية البهية، وأغفر لسيدي الحسن ما قد كان
وما سيكون...اللهم إن الحسن بن عمر بن أحمد، العارف الناسك المتعبد، قد
صبر على البلاء فلم يجزع، فامنحه درجة الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير
حساب...، اللهم احشره في زمرة المقربين وبشره بروح وريحان ونعيم...، اللهم
احشره مع أصحاب اليمين وأجعل تحيته سلام لك من أصحاب النعيم...
"وإنا لله وإنا إليه لراجعون" صدق الله العظيم
«السابق 1 2 » عرض شرائح متسلسلة
|
|